الخميس، 4 أغسطس 2011

رأى حممة خرجت من ظلمة !



أحب فى هذه القصة لغتها وصيغة الكلام فيها ، يذكر أن شق سمى شق لأنه يروى أنه كان نصف انسان وأما سطيح فلأنه كان لا أعضاء له ولا عظم ، وإنما كان مثل السطحية ووجهه فى صدره ، وكان إذا غضب انتفخ وجلس


قال ابن اسحاق : وكان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة ، فرأى رؤيا هالته وفظع بها ، فلم يدع كاهنا ، ولا ساحرا ، ولا عائفا ، ولا منجما من أهل مملكته إلا جمعه إليه

فقال لهم : إني قد رأيت رؤيا هالتني ، وفظعت بها ، فأخبروني بها وبتأويلها
قالوا له : اقصصها علينا نخبرك بتأويلها
قال:  إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها ، فإنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها
فقال له رجل منهم : فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق فإنه ليس أحد أعلم منهما ، فهما يخبرانه بما سأل عنه .

فبعث إليهما ، فقدم عليه سطيح قبل شق

فقال له إني رأيت رؤيا هالتني ، وفظعت بها ، فأخبرني بها ، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها .
قال  أفعل . رأيت حممة ( قطعة نار ) خرجت من ظلمه فوقعت بأرض تهمه فأكلت منها كل ذات جمجمه
فقال له الملك ما أخطأت منها شيئا يا سطيح ، ما عندك في تأويلها ؟
فقال   احلف بما بين الحرتين من حنش لتهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أبين إلى جرش
 فقال له الملك وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن ؟ أفي زماني هذا ، أم بعده ؟
 قال لا ، بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين
قال أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع ؟
قال لا ، بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين
 قال ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم ؟
 قال يليه إرم ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن ، فلا يترك أحدا منهم باليمن
 قال أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع ؟
قال لا ، بل ينقطع .
قال ومن يقطعه ؟
قال نبي زكي ، يأتيه الوحي من قبل العلي
قال وممن هذا النبي ؟ .
قال رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر
 قال وهل للدهر من آخر ؟
 قال نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون يسعد فيه المحسنون ويشقى فيه المسيئون
قال أحق ما تخبرني ؟
قال نعم . والشفق والغسق والفلق إذا اتسق إن ما أنبأتك به لحق .

ثم قدم عليه شق ، فقال له كقوله لسطيح وكتمه ما قال سطيح لينظر أيتفقان أم يختلفان

 فقال نعم رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمة فأكلت منها كل ذات نسمة
فقال له الملك ما أخطأت يا شق منها شيئا ، فما عندك في تأويلها ؟ .
قال أحلف بما بين الحرتين من إنسان لينزلن أرضكم السودان ، فليغلبن على كل طفلة البنان وليملكن ما بين أبين إلى نجران .
فقال له الملك وأبيك يا شق ، إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن ؟ أفي زماني ، أم بعده ؟
 قال لا ، بل بعده بزمان ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شأن ويذيقهم أشد الهوان .
قال ومن هذا العظيم الشأن ؟
 قال غلام ليس بدني ولا مدن يخرج عليهم من بيت ذي يزن فلا يترك أحدا منهم باليمن .
قال أفيدوم سلطانه أم ينقطع ؟
قال بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل
قال وما يوم الفصل ؟
 قال يوم تجزى فيه الولاة ويدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء والأموات ويجمع فيه بين الناس للميقات يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات .
قال أحق ما تقول ؟ قال إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض .

قال ابن اسحاق : فوقع فى نفس ربيعة بن نصر ما قال له سطيح وشق فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق ، وسكنوا الحيرة.
ومن بقية ولد ربيعة بن نصر النعمان بن المنذر الذى كان نائبا على الحيرة لملوك الأكاسرة.

من سيرة ابن هشام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق