سيقولون لك قل نعم ، فنعم هادئة ومطمئنة وناعمة وقوية
سيقولون لك قل نعم لأن
الجيش لابد أن يرتاح :
ومن الواضح أن هذه رغبة المجلس الأعلى نفسه ، ولا أحد يريد أن يستمر الجيش فى غير دوره الأصلى
لكن هناك من يرغب فى الخلط بين تواجد أفراد الجيش ودباباته فى الشوارع ، وتمثيل المجلس الأعلى للشرعية وتوليه السلطة ، كما أن التعديلات نفسها تقر أن عمل إعداد دستور جديد يحتاج ستة أشهر كحد أقصى ، أكرر كحد أقصى ، فلماذا لا تكون هى تلك الستة القادمة ، وبعدها بشهرين تقام انتخابات رئاسية تأتى برئيس محدد الصلاحيات أو يسلم الجيش السلطة لرئيس محكمة النقض وفقًا لما سيأتى فى الدستور الجديد أو لمجلس رئاسى مكون من رئيس محكمة النقض ورئيس الدستورية العليا وفرد عسكرى ينص على صلاحياته فى فصل انتقالى فى الدستور
نخشى أن يستمر الحكم العسكرى لمصر :
والغريب أن من يقول هذا هو من يقول أن الجيش يريد أن يعود لمهامه الأصلية ، وهذا تناقض غريب ، كما أنه غير وارد ، فالجيش لم يقم بانقلاب وإنما سلم له الشعب السلطة مؤقتًا كأمين على الشرعية بعد ثورة مطلبها دولة مدنية ، وليس فى المجلس الأعلى شخصية لها شعبية خاصة مثل اللواء نجيب أو البكباشى عبد الناصر وأظن أن المجلس كان حريصًا إعلاميًا على ألا يقوم بتلميع أى فرد فيه حتى لا يعطى هذا إنطباعًا خاطئًا ، كما أن اللبس فى هذه النقطة يمكن إزالته بسهوله بأن يعلن المجلس الآن نواياه فى حالة رفض التعديلات ، وأظن أن تلميح د. يحيى الجمل بأننا سنتجه لدستور جديد يوحى يعبر عما سيحدث
بالمناسبة فى تجربة دستور 1954 ما حدث هو أن الناس بعد إعداد الدستور تراجع المطالبين به عن ضغطهم ، وخرج آخرين يقولون لمشروع الدستور الجديد لا فكانت النتيجة أن ألقى الدستور فى القمامة
الطريق واضح بعد نعم :
الإجابة كما السابق ، على المجلس الأعلى أن يقول لنا ماذا بعد لا ، لاحظ أن الطريق بعد نعم أيضًا يحدده فقط ما أعلنه المجلس الأعلى وبالتالى ينقصنا فقط إعلان أخر لما بعد لا
لا أريد أن يكتب الدستور فى ظل العسكر :
أكرر هذه ثورتنا ومطالبنا وشرعيتنا وبالتالى سنكتب نحن دستورنا وسنتناقش فيه ، من سيعد الدستور هو لجنة تأسيسية وليس المجلس الأعلى ، كما أن هذا جيشنا الوطنى ، والجيش فى مصر ليس كما فى تركيا مثلا له اتجاه أو مصلحة سياسية ، ليس مع أو ضد ، الجيش يهمه الوطن وفقط ، وأكرر ، دستور 1954 الرائع أعد فى ظل انقلاب عسكرى ، كما أننى أريد أن يكتب الدستور فى ظل الجيش وسأبين لك لماذا بعد قليل
نعم ستجعل البلد تهدأ ونعمل :
هل ستهدأ بلد سيقام فيها انتخابات برلمانية لمجلسين ، وانتخابات رئاسية فى ستة أشهر ؟ لن يكون يوم الانتخاب هو المشكلة بل شهور الدعاية والعصبيات وبلطجية هؤلاء وهؤلاء ، واتهامات واشاعات لا تخلوا منها أى انتخابات حتى فى الدول المستقرة الديمقراطية ، إن مناقشة الدستور مهما كانت ستكون أكثر هدوءًا من هذا وستكون الأجواء مناسبة أكثر لحكومة د. شرف للعمل
مناقشة المادة الثانية الآن سيؤدى إلى مشاكل كبيرة :
هل نحن نخشى أنفسنا ؟ بالطبع لا ، بالطبع سيكون هناك حوار حاد حول هذه المادة ، وسيكون هناك مظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة ، ولكن لن يتجاوز الحدود السلمية للأمر سوى فريقين ، الأول هو متأمر خارجى أو داخلى يريد أن يصنع فتنة ، وإذا كانت المؤامرة الداخلية ستنتهى إن شاء الله فالمؤامرة الخارجية لن تنتهى ، فإسرائيل وغيرها لن تزول فى خلال عام ونصف عام ، ولكن نحن يقظون أكثر للمؤامرة فى هذه اللحظات ، أما الفريق الآخر فهو المتطرفون ، وهؤلا لن يختفوا أيضًا بسرعة ، ولكن روح الثورة الحية تجعل هؤلاء أضعف واستجابة البعض لهم أقل ، كما اننا أمنيًا الآن مازلنا تحت حالة الطوارئ والجيش موجود فى الشارع ، وبالتالى هى فرصة لمنع أى تجاوز أو عنف بشكل أكثر حسمًا وسرعة ، هذا لا يجعل حجة للرئيس القادم أو المجلس القادم بمد حالة الطوارئ
تشكيل الجمعية التأسيسية غير عملى الآن :
أولاً وفقًا للتعديلات من سيشكل الجمعية التأسيسية هو مجلسى الشعب والشورى وإذا جاء المجلسين غير معبرين عن المجتمع وتوجهاته بعد الثورة بشكل سليم ستكون الجمعية كذلك ، ففاقد الشئ لا يعطيه ، ودعنى أسألك ، هل تظن أن تمثيل قوى الشباب سيكون بحجمه الحقيقى كما هو فى الشارع الآن ؟؟ هل سيكون تمثيل المرأة دقيقًا فى ظل وجود مجتمع لم يتقبل الفكرة بعد وكوته تجعل فرصة السيدات محصورة بهذا العدد ؟؟ هل تعتقد أن الأقباط سيكون تمثيلهم بما يوازى حجمهم فى المجتمع بنظام الانتخاب الفردى ؟؟ هل تعتقد أن أستاذًا جامعيًا محترمًا سيتشجع لدخول معركة انتخابية تحميها الدبابات ؟؟ هل سيكون منطقى أن يمثل العمال والفلاحين – رغم اعتراضى على فكرة 50 % - إناس ليسوا بعمال ولا فلاحين فى ظل عدم تعديل الوصف فى القانون ؟؟ هل من العدل فى ظل أن الناخبين مازالوا لم يعلموا بعد بأى حزب يشتركون أو بأى حركة يلتحقون ، أن تكون هذه الأحزاب والحركات جاهزة بمرشحين أقوياء فى مواجهة من سيطر وقمع واستبد لثلاثين عامًا وانتهى مرشحيه منذ شهور فقط من انتخابات مماثلة ؟؟
ثانيًا البديل هو إما انتخاب مباشر للجمعية التأسيسية وهو أمر غير عملى فعلاً فى شعب فيه نسبة عالية من الأمية إلا إذا قامت على ترشيح عدة قوائم ويختار الشعب من بينها ، وهذا أيضًا غير عملى الآن أو فى أى وقت لأنه سيشتت الرموز الفكرية والسياسية التى يثق الناس بها بين القوائم
والحل فى رأيى أن تشكل بداية لجنة من خمسة أفراد أو أكثر سيكون وجودهم فى الجمعية التأسيسية حتميًا مثلاً د. يحيى الجمل بصفته نائب رئيس الوزراء للشئون القانونية ورئيس محكمة النقض ورئيس الدستورية العليا وشيخ الأزهر والبابا شنودة أو من شخصيات لا خلاف عليها ( المستشار البشرى ، عمرو حمزاوى ، فاروق الباز ، فهمى هويدى ود. محمد غنيم كأمثلة للرد على سؤال مثل من ؟ )
تقوم هذه اللجنة باختيار الجمعية التأسيسية ، إما مباشرةً أو بتحديد الجهات التى ستختار منها وترسل هذه الجهات أسماء مرشحين تختار اللجنة منهم
فى النهاية أحب ان أذكرمرة أخرى بتجربة ثورة 1919 فأولاً لأن دستورها تأخر إلى 1923 تشكلت الحياة السياسية قبل الدستور فكانت ضعيفة مثل الواقع الموجود ، وليست على مستوى الثورة والنتيجة حزب كبير هو الوفد وأحزاب صغيرة واستمرار سيطرة الإقطاع على الحياة السياسية ، النقطة الأخرى هى أن مع نفى سعد زغلول عام 1919 قامت ثورة ، ولكن عندما نفى مرة أخرى عام 1922 لم تقم ثورة واقتصر الأمر على مقاطعة البضائع الإنجليزية ، فلا تقل لى أنه لو لم يلتزم الرئيس القادم أو البرلمان بتغيير الدستور بأى حجة أن الناس ستكون مستعدة للعودة لأجواء الثورة مرة أخرى بحلوها ومرها
لا تجعلهم يقولون لك قل نعم ، ولا تجعلهم يقولون لك قل لا ، فكر وقرر وشارك