الجمعة، 17 يونيو 2011

يقولون عنا




ما إن تقول أنك ليبرالى أو تؤمن بالليبرالية حتى تجد قائمة جاهزة بانطباعات وأفكار واتهامات موجهة لك ، يقولون هذه الاتهامات إما عن جهل وإما استغلالاً للجهل

يقولون عنا أننا ندعو لشئ دون الإسلام أو بديلاً عن الإسلام أو لم يأت به الإسلام وهو دين الله الكامل ، وهذا ليس صحيحًا ، فإنما ندعو لليبرالية موجودة فى الإسلام ، فالليبرالية اسم يجمع عدد من القيم الثابت وجودها فى الإسلام ، قيم تعظم وتحرم حرية الفرد ومصلحة المجتمع وتنظم العلاقة بينهما

فقد أقر الله حق الناس فى الاختيار حتى لو اختاروا الضلال " ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل " " لست عليهم بمسيطر " وعندما تعدى اصحاب السبت على شرع الله فإن الأقلية المؤمنة لم تجبر الأغلبية على شرع الله بل فقط وعظوهم " معذرةً إلى ربكم ولعلهم يتقون " ، وطالب الإسلام باحترام حرية التعبير عن الرأى حتى لو خالف رأى المجتمع أو الدين السائد فيه  " أتقتلون رجلاً أن يقول ربى الله " "الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله " وأكد على حرية العقيدة " لا إكراه فى الدين " وألا ينتقص حق لشخص لاختلاف دينه " لهم ما لنا وعليهم ماعلينا "

 وهذه القيم والحقوق وغيرها هى ما يُجمع  تحت اسم ليبرالية ، فهى جزء من القيم الإنسانية التى أوجدها الله منذ بدأ الخليقة ، جزء من دين الله ، جزء من الكلمة السواء التى لا بد أن تكون بين كل البشر مسلمين وغير مسلمين ، و كون أن الإسم جديد أو صياغة المفاهيم صياغة جديدة لا يعنى أن الفكرة جديدة على البشرية أو جديدة على الإسلام  ، كمصطلح أصول الفقه مثلاً ، فهو لم يأت فى آيةٍ أو حديث ، ولكنه صيغ ليجمع عدد من الأصول الثابتة فى الإسلام ، وكذلك بعض هذه الأصول ، قواعد مثل  الأصل في الأشياء الإباحة والمشقة تجلب التيسير وسد الذرائع ،  مثلاً لم تأت بنفس النص فى آيةٍ أو حديث

ويقولون عنا أننا نستورد أفكارنا من الخارج ، وبغض النظر عما قلته فى الأعلى ؛ فأنا لم أكن أعلم أن الإسلام فيه " خارج " أو فيه غرب وشرق ، ما أعلمه أنه دين للعالمين ، وأن الحكمة ضالة المؤمن ،  وما أعلمه أن النبى حين سمع شعر أمية بن أبى الصلت الكافر فقال صدق ، ويصل البعض لرفض الكلمة لمجرد أنها غير عربية ، وكأن الإسلام عربى ولا يفكرون بأن الحرية عند المسلم الأمريكى أوالبريطانى إسمها  
Liberty

يقولون عنا وعن الليبرالية أنها بلا مرجعية محددة ، أنها هلامية ومطاطة وفضفاضة ، الليبرالية هى الحرية فى أن تختار ، دينك ومرجعيتك وأفكارك وحياتك الشخصية حتى ملابسك ، فإذا كانت الليبرالية تحدد لك مرجعية معينة أو أسلوب حياة أو سلوك فإنها بذلك تناقض حرية الاختيار أى أنها لا تصبح ليبرالية 

يقولون عنا أننا نريدها ليبرالية منحلة ، ويضغطون بشده – ولا أدرى لماذا – على مثالى الشذوذ والخمر ! بغض النظر طبعًا عن تعريف الليبرالية بأنها " أمك متلبسش حجاب .. آه أمك أنت !" ، وكما سبق وقلت الليبرالية قيمة إنسانية ، يمكن بالطبع سوء استغلالها ،  وكما لا يسئ للآية الكريمة " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " أن كانت مدخل للبعض للاستبداد ، لا يسئ لليبرالية أن كانت مدخل للبعض للإنفلات ، وكما لايسئ للإسلام أن أغلب المسلمين يعيشون فى كسل وضعف وتواكل وتخلف حضارى ، لا يسئ لليبرالية أن الغرب يعيش فى تفكك وانحلال أخلاقى

يقولون عنا أننا علمانيون متنكرون  – بمعنى الفصل التام بين الدين وبين المجتمع والسياسة –وهذا ما ليس فى الليبرالية ولا علاقة لليبرالية به ، وهذا خلط يحدث عن جهل لا علاج له إلا بالمعرفة أو عن سوء ظن وتفتيش فى الضمائر لا يصح أو عن تعمد للتشويه

يقولون عنا ويوحون بأنا أقل حرصًا على الإسلام وأقل حماسة له ، وهذا حكم بالمظاهر لا يستقيم ، فليس الحرص على الإسلام بالحرص على قال الله وقال الرسول ، بل بالحرص على تطبيق قال الله وقال الرسول ، عبادة ومعاملة وأخلاق ، وأظن أنه اخشى إلى الله أن يحذر المرء فى كلامه وآرائه كثرة الإستدلال بكلام الله ورسوله فإن هذا لا يكون إلا بعلم

ويقولون عنا أيضًا أننا أقل حرصًا على المسلمين فى باقى كل العالم وأننا نجعل الوطن فوق الإسلام ، وأقول أن المسلم بحق هو من علم أن وطنه هو مسئوليته الأولى كمسئولية أحدنا عن أهل بيته وأبيه وأمه ، و حق على المسلم مساعدة كل إنسان مظلوم أو محتاج أو ضعيف  فى هذا العالم مسلمًا كان أو لا ، فالدين رحمةً للعالمين وليس رحمةً للمسلمين

إن لى رؤية للإسلام ولك رؤية ، رغبت أن تكون رؤيتى بعيدة عن التنافس السياسى ، ورغبت ألا أربط بين أفكارى ومشاريعى وبرامجى الناقصة وبين دين الله المعصوم ، ورغبت ألا اختار لنفسى إسمًا ينسبنى للإسلام دون غيرى ، فإن كنت ترى أن هذا هو خطئى وذنبى فاللهم لا تتب علينا من ذنبنا هذا ابدًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق