الأربعاء، 15 يونيو 2011

منقبة وأخرى أمية



قلت لا ، أردت وأريد الدستور قبل الانتخابات ولكنى أريد الديمقراطية أولا ً ! ليس الصواب أن ننقض أول قرار شرعى بحكم الأغلبية فى مصر حتى لو كنا نرى أنه خاطئ

رأيت ومازلت أرى أن الاستفتاء لم يكن نزيهًا ، فليست النزاهة فى صندوق الاقتراع فقط ، لم يكن نزيهًا لأن المجلس جعل ما بعد لا غامضًا وبالتالى مقلقًا ، ولأنه سمح لفترة طويلة وبشكل واسع أن يربط بين نعم والاستقرار – وهو ما كان له التأثير الأكبر – كما سمح بأن تربط نعم ولا بالدين – وهو ما كان له التأثير الأقل ، وبالطبع كان خطئًا أيضًا أن يستخدم  دم الشهداء

لكن فى النهاية يوم الاستفتاء ذهب الناس بكامل إرادتهم الحرة واختاروا وليس هناك ما يمكن أن يسحب شرعية هذه الإرادة الحرة ، والذين قالوا لا حجة على حرية الإرادة والاختيار يوم الاستفتاء ، وإذا كنت أرى أن الاستفتاء أوصلنا لوضع غير منطقى ، يضع العربة أمام الحصان ، ويضع البرلمان والرئيس  قبل تحديد ما هو البرلمان وما هو الرئيس ، فإن المسئول الأول عن هذا الوضع هم الذين قالوا لا !

ولتفهم موقفى سأحكى لك موقفين حدثا فى الأيام الأخيرة قبل الاستفتاء ، حين قررت متأخرًا جدًا أن اكتفى من مناقشات الفيس بوك والتويتر وأن أنزل الشارع لأكلم الناس فى المحلات فى المدينة الصغيرة التى أعيش فيها ، أنا لست عضوًا بعد فى أى حركة أو حزب ، كانت فقط مبادرة فردية بمشاركة زملاء لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة

كانت تجربة مفيدة لى جدًا ، كنت أكلم الناس بدايةً عن ضرورة المشاركة ثم عن الطريق بعد نعم ولا  كما هو معلن وليس كما أرى أنا ، ثم أقول لهم رأيى الخاص وأشدد مرة أخرى على المشاركة

عندما دخلت إلى محل أدوات مكتبية كان صاحبها يشاهد لقاء للمستشار البشرى وكانت تقف زبونة منتقبة ، استأذنتهم فى دقيقة واحدة من وقتهما ، وما إن بدأت الكلام عن الدستور حتى قاطعتنى راجية " أرجوك فهمنى إيه اللى حيحصل بالظبط وليه نعم وليه لأ أنا متلخبطة ! " كانت مرتبكة جدًا تكاد تبكى – حقًا لا مبالغة -   وكأنها تلميذ لم يذاكر للامتحان ، أحسست أمام هذه الرغبة فى الفهم أن على أن ألتزم بأقصى درجة من الحياد وأنا أتكلم ، شرحت وسألت وحاولت أن أجيب قلت لها أن المستشار البشرى قيمة كبيرة وأن المواد فعلا ملزمة للبرلمان القادم بدستور جديد وقلت أيضًا عن المآخذ التى قيلت على بعض المواد وأن المسار يبدو لأصحاب لا غير منطقى للأسباب كذا وكذا ، لم تسأل عن المادة الثانية ولكننى قلت لها أن البعض يغالط فى الأمر هناك دستور جديد الآن أو بعد شهور ولن يحذف أحد أو يضيف شيئًا دون رغبتنا ، شعرت فى النهاية أنها قد مالت للتصويت بلا ولكن ما أسعدنى حقًا كان رغبتها أن تعرف وأن تفهم وأن تشارك

الموقف الثانى كان مع سيدة أمية على فرشة فاكهة ، نادتنى بعد أن انتهيت من الحديث مع صاحب محل ، وقالت أنها كانت تشير فى السابق على الرموز – الجمل والهلال وغيرها – فكيف ستختار فى الاستفتاء ، سألتها إن كانت تعرف على ماذا سيكون الاستفتاء  ، لم تكن تعرف ، بدأت اشرح لها بدايةً بأن الدستور هو " الحاجة اللى بتقول كل واحد ليه أيه وعليه إيه وشغلته إيه ، الرئيس وعضو  مجلس الشعب والقضا وكدا " وإن" إحنا كنا ماشين بدستور بيخلى كل حاجة ف إيد الريس "  وشرحت ما سيحدث بعد نعم ولا والجدول الزمنى ببساطة  وأن " لو قلنا نعم حنعدل حاجات قليلة من الدستور القديم ونمشى بنفس الباقى الكام شهر الباقيين لحد الدستور الجديد " - لأن طبعًا لم يكن أعلن عن أن نعم بعدها إعلان دستورى وهو يحمل أيضًا مواده من الدستور القديم  -  أقسم أننى لم استخدم كلمة ترقيع الدستور أو أى من مرادفتها ، لكننى فوجئت بها تقول " بص يابنى أنا جلابيتى دى لما تدوب مرقعهاش ، وانا اقدراشترى واحدة جديدة ، ومحدش جاهز للانتخابات غير الإخوان "

الخلاصة ، لوموا أنفسكم ، المبررات التى تقولونها من أجل " الدستور أولاً" فى رأيى أغلبها  صحيح ، وكلها رددتموها فى الفضائيات وعلى الإنترنت قبل الاستفتاء وظننتم أن هذا كافٍ ، كانت حركتكم فى الشارع ضعيفة ، تركتم الناس لمن يقول لهم نعم بمنطق ونعم بدون منطق ، انتهى الاستفتاء على نعم ولا ، وقضى الأمر الذى فيه تستفتيان ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق