كنا قد انتهينا من صلاة الظهر فى مسجد قبل العصر بحوالى ساعة ، كنا قد صلينا فى مصلى السيدات وهو الجزء الوحيد المفتوح فى المسجد الخاضع لإصلاحات ، بينما كنا نرتدى أحذيتنا على الباب وجدنا ثلاث فتيات ينظرن لنا بدهشة وتساؤل ، كانوا محجبات يرتدين ملابس قد لا ترضيك ، وكان أول ما قالوه لنا أن سألوا : هل هناك صلاة للسيدات ؟ أجبنا بالنفى فسألوا عن أقرب مسجد أجاب صديقى فغادروا وعندما انتهينا من لبس الأحذية ومررنا فى الشارع التالى وجدناهن يقفن فى حيرة فقد كان المسجد التالى مغلق أيضًا ووجدناهم يسألون أاخرين عن أقرب مسجد تالى
قلت لصديقى ربما لو رأى متشدد هؤلاء الفتيات فى الشارع السابق لنظر لهن اشمئزازًا وما فكر فى شئ سوى أن يعتبرهن فقط فتيات متبرجات غير حريصات على دينهن ، ولن ألومه سوى على أنه حكم فى عقله عليهن فقط بالمظاهر ومن خلال جانب واحد لا أدرى لماذا تذكرت هذا الموقف وردود الأفعال المتسارعة المشدودة تتابع على مظاهرات 27 مايو ، لقد أصدر البعض عن سوء فهم أو عن سوء قصد حكمًا نهائيًا عليها لأن جانب من المشاركين تطرف فى مطالبه ، وحكموا عليها بالفتنة والانقلاب والعمالة والجنون ، قال البعض أن الأمر لن يخلو من المنفلتين والأغبياء والمندسين ، وهذا منطق يوقف كل شئ فى حياة الأوطان ، فلن يخلو أبدًا أمر من المنفلتين والأغبياء والمندسين ، من مباريات الكرة وحتى المليونيات ، تشعر وكان وراء هذا المنطق رغبة فى سحب الحق فى التظاهر السلمى ولو معنويًا
قصر قيادات الإخوان رأيهم على أن هذه ثورة ضد الشعب أو ضد الجيش ، وكأن الشعب قال نعم لأى شئ وكل شئ يحدث ، وقيل أن الداعين والمشاركين هم الشيوعيين والعلمانيين فقط ، ولم أكن أعرف أن شباب الإخوان شيوعين أو علمانيين ، كما أن الأمر صيغ كاتهام كأنه ليس من حق الشيوعيين أو العلمانيين ان يطالبوا بالتظاهر من أجل شئ يرون فيه المصلحة
ولا أظن أن الأغلبية الكاسحة من المشاركين غدّا سيهتفون بالدستور أولاً أو بمجلس رئاسى ، سيتحمس الناس فقط وراء هتافات محاكمة الفساد السياسى وعودة الأمن وإقالة المخلفون من النظام والحفاظ على الدم ، ولذلك أيضًا أرى أن على كل من يخاف من انحراف الأمور أن ينزل ليجعل هذه الأغلبية تقارب الإجماع ويدعم المطالب وأمن الوطن معًا
ربما أرتدت المطالبات بمظاهرات الغد شيئًا من الحماسة المنفلتة والشطط والتجاوز ولكن لا يجوز اتهامها بالكفر بالوطن فهى فى النهاية تبحث عن مسجد